السبت، ١٢ أبريل ٢٠٠٨

الوليد !!

ارى ان هذا الحلم بدأ يتكرر بشكل مثير .. و لا ارى له معنى او تفسير ملائم لحالتي الراهنة .. حيث انني غير متزوج و من الطبيعي انني لا انتظر مولودا و لكن الحلم يتكرر بصور مختلفة تحمل نفس الرسالة .

بيتنا ...

زحمة و وجوه كثيرة مألوفة يباركون و يهنئون و الكل سعيد فرحان .. ارى اختي الصغيرة في نسختين متفاوتتين عمريا .. على حد تعبيري في الحلم .. اه ما انا في الحلم بكون مثقف اوي .. و فجأة يظهر الوليد ذو رأس كبير نسبيا .. تظهر معالم اللحية المحلوقة في وجهه البريء !! .. يضحك و يعابثني و انا احمله .. اجلس على مقعد وثير في صالتنا القديمة .. اداعب ابني الصغير الذي تتغير ملامحه الي طفل عادي .. فجأة تغيم الدنيا الي ان تظلم تماما و لا ارى شيئا الي ان اسمع من حولي يقولون في ذعر انني قد مت !! .

شارع لا اتذكره جيدا ...

اسير في الشارع الطويل المريح نسبيا .. على غير هدى .. احمل ابني الصغير .. و العجيب انني لا اره امه - خطيبتي - في اي من تلك الاحلام .. اسير مذهوا فخورا بولدي الجميل .. ذاهبا الي ابي العزيز .. ابحث عنه في ارجاء المكان .. امشي على هدى و كأنني اعرف مكانه تماما .. ثم اتوقف اماما منزلنا الذي يبرز فجأة و اتذكر ان والدي قد مات .. فاكتئب بعض الشيء .. اجلس على الارض انا و طفلي الصغير .. ثم مرة اخرى تغيم الدنيا و تسود و اعرف انني اموت .

لا ادري معنا واضحا لكل تلك الاحلام التي احيانا اعتبرها اشارات آلاهيه حتى و ان لم تكن رؤى .. و لكن تلك الاشارة الآلهيه المحيره .. ترى .. ماذا تعني !! .. ما معني الوليد .. و ما معنى انني اموت .. و ارى انني اموت .. لماذا كنت ابحث عن ابي ؟؟ .. هل للحلم معنى و تفسير .. لن ابحث عن معناه و ان كانت اشارة ما لابد و انني سأعرف معناها وقت حدوثها .

الجمعة، ٢٨ مارس ٢٠٠٨

المأمورية

سأله في تحفذ :
- أتارنا نصل الي نهاية !
فأجابه دون ان يرفع ناظريه عن هدفه المنشود :
- اظن .
و كأن الرد لم يعجبه فعالجه بعبارة إستوضاحيه :
- تظن ! .
فلم يجبه فأعاد السؤال مرة اخرى في توتر :
- أسنصل الي النهاية !! .
نظر إليه تلك المرة بعينيه الناريتين واجابه :
- ستعرف .
فأثر الصمت لانه يعرف معنى تلك النظرة جيدا و ما قد تطور إليه الأمور بعدها فأراح رأسه على راحتيه في وضع اشبه لوضع التفكير .

***

بعد ساعة من الصمت سأل مرافقه مرة اخرى لاهثا و قد ترجلا و سارا يسبقه ببعض خطوات فبذل جهدا خارقا بجسده الربعة ليلحق به :
- هل تبقى الكثير !
القى بجثة سيجارته التي قتلها حرقا منذ دقائق و دفن دخانها الأسود في صدره و رد بلا اهتمام :
- اعتقد .
بعصبيه هتف و كأنه مل من الردود المقتضبه التي يصدمه بها مرافقه :
- لقد سئمت ردودك المقتضبه .. الا تجيد فن الكلام ؟
لم يرد فعاود السؤال بالحاح الاطفال :
- كم تبقى لنا كي نصل !
دون اهتمام اجاب :
- قريبا .. لا تتعجل .
شارفت الشمس على الاختفاء و مازلا يضربان الارض وراء بغيتهم وسط الاغصان المتشابكة و الارض الوعرة يصارعان المجهول و ينتظران ما لا يعرفه احدهم في اي و كل وقت .
***

مع هبوط الليل ظن ان المشوار قد شارف على الانتهاء فسأله بارتياح :
- هل انتهينا ؟ .
اجابه بنبرة هادئة و كأن عناء الرحلة قد زال من صوته قبل جسده :
- اوشكنا .
- و هل تتركني و شأني اذا وصلنا .
اجابه شامتا :
- إذا .
نظر له في حيرة و هم بسؤاله لكن قطعت عبارته بصوت مرافقه قائلا :
- هنا تنتهي رحلتك .
ثم اخرج من حقيبته مسدسا كبيرا بدى اسطوريا و صوبه نحو رأسه و بلا تردد اطلق النار وسط رأسه تماما .
بمجهود ضئيل ركل جثة مرافقه فسقطت في الحفرة التي كان قد خصصها في وقت سابق لتلك المأمورية .. نظف مسدسه .. غسل وجهه من نبع المياه القريب .. لملم حاجياته .. و عاد من حيث اتى .

الأحد، ٢٣ مارس ٢٠٠٨

حتى الملائكة يغضبون احيانا

برغم كونها من المخلوقات النورانية الشفافة التي بعثت من المادة السحرية التي خلقت منها الحياة .. تلك المادة العجيبة التي تندى لها الورود .. و يتلون بها و من اجلها قوس قزح المبهر .. فتدمع عيون الكبار على ذكريات الماضي البعيد .. الا انها اشتعلت غضبا و تخضب وجها الرقيق بلون وردي نادر الوجود من كلماتي .. لا بد ان حاجبيها انعقدا بشكل ملائكي عجيب .. فحطمت شيئا ما باناملها الرقيقة .. خطت فوق السحب فتعثرت في غيوم الليل البهيم بقدميها الدقيقة .. لابد انها صرخت من اعماقها تلك الصرخة الموسيقية البديعة .. التي لا يسمعها سوى الملائكة .. ترددت في الكون بلا مجيب .. فارتدت لها و ذلك ما زادها غضبا على غضبها .. انتثر شعرها الرقيق على جبهتها المضيئة .. عقدت ساعديها كما انعقد حاجبيها .. قررت ان تغضب .. تغضب بعنف .. و ان تحزن .. ربما تتغير ايضا .. ستصبح نوعا آخر من الملائكة .. نوعا ارق .. ربما اكثر هشاشة ايضا .. كنت اتمنى ان اعتذر .. لكن ما لتلك الاعذار البشرية السئيمة بعالم الملائكة النظيف !! .. كنت اود ان امحو ذلك الغضب .. و لكن اي طاقة احتاجها كي اصل الي ذلك العالم النوراني الطاهر !! .. كنت اود حقا ان اكفر عن ذنب لم ارتكبه عمدا .. لكن عذرا ملاكي .. كنت انسانا .. و لا اجيد لغة الملائكة .

الجمعة، ٢١ مارس ٢٠٠٨

اي كلام

لم اكن ابدا من اصحاب العقول المنغلقة على فكرة معينة او اصحاب تزمت عقيدي او فكري او حتى مزاجي ( اي في الحالة المزاجية ) .. كنت دائما متعادل الهوى متسامح مع الكون و مع الآخرين مهما كانت آرائهم و افكارهم و امزجتهم .. انت حر فيما تعتقد و انا حر فيما اعتقد .. حتى الخالق عز و جل نصها قرآنيا في (( لكم دينكم و لي دين )) و منها نشتق لكم عقلكم و لي عقل .. لكم اخلاقكم و لي اخلاق .. لكم ما تشائون و لي ما اشاء ما دمت لن اؤذي منكم احدا و لن تضروا من اهتم بامرهم لذا طالما تعاملت مع الآخرين من هذا المنطلق و ان كنت اتحمس في الكلام او اتعصب في اسلوب الحوار فانما يكون من انغلاق من يحادثني حينما احاول ان اوصل له وجهه نظري بشتى الطرق و اجده يتحدث و كأنني لم اتكلم .. فاشد ما يغضبني و يستفز في الإنسان البدائي - الذي لم يهذبه دين و لم يرقيه الزمن - هو الغباء و التغابي و الاستغباء .. ان تلغي اجهزة استقبالك و تستمر في الإرسال كمبنى الإذاعة في اوائل عهده .. حتى الإذاعة الآن تعتمد على الطرفين متلقي و مرسل .. قعندما اشعر ان من يحادثني يرسل فقط و ان تظاهر بالاستقبال اشعر و كأني مستفز كليا و بعض الاحيان يعلو صوتي و يحمر وجهي و ان كنت اكره نفسي في تلك الحالة و لكنها حقيقة .
اعتقد ان النظرية الماضية لها شذوذ و لها نواقص تثبتها و تأكد من وضعها .. فلأشد ما يسوءني هي الافكار المغلوطة و المعتقدات الخاطئة عند من يهمني امرهم مثل (اختي .. امي .. اخي .. حبيبتي ايضا) .. اجدني متشائما متجهما عندما اشعر بتلك الافكار المسمومة تسري في عروق رأس احدهم و لا امل في التغيير و لا امل في نقاش عقيم لا يؤدي الي اي مكان .. فتكون الفكرة عندهم واحدة .. و تزيدهم اصرارا على اصرار .. و بالرغم من مكانتي عندهم التي اثق فيها كثيرا .. الا ان ناتج الحوار الذي اشعره و لا يقال و ان كان قد قيل ذات مرة .. انت شخص صعب المراس .. تتمنى ان يصبحك الجميع و ان يفكر الكل مثلك .. العديد من الكلام الذي يزيد من سوء الوضع و الحالة التي اصل اليها اصلا من جرار ما يعتقدون .
اعتقد انني سأصل يوما الي مرحلة تريحهم .. و هي انتم احرار .. اعتقدوا ما تعتقدون .. و أمنوا بما تؤمنون .. و اكفروا بما تكفرون .. و ان كان اول كفركم بي فلن ابالي .. فانا اول كافر بي .. اعتقد انني سأنال قسطا من المرمطة النفسية الي ان اصل الي تلك المرحلة و لكني لاشك واصلها .. و عندما اصل لن اتذكر اي من هذا الكلام ..لاني ببساطة تلك اللحظات لن اكون انا او لن اكون هنا ربما كنت في عالم آخر لا يعرف النقاش و الا الافكار المغلوطة .

الأربعاء، ١٩ مارس ٢٠٠٨

نجم الشمال

عندما اترك لذلك الجواد الجامح العنان .. اجلس متأملا كعادتي - التي انقطعت منذ التحاقي بعملي الشاق - في شرفتنا التي تطل على نجم الشمال اللامع .. يلح علي ذلك السؤال الابدي .. هل خلق الله غيرنا معشر الانس و الجن ! .. فيرتد الي السؤال حائرا بملايين الإجابات و ملايين الاسئلة التي تحتاج ايضا الي ملايين الإجابات .. فاعيد الكرة مع التحليل و التفنيد لافكاري المتلعثمه فاجد انه و لما لا ! .. من المؤكد خلق الله ما لا نعلم و ما لا ندرك و حجب عنا مثل تلك المعلومات مع تركه لنا بالمكراللآهي مفتحاح ما في عبارته القرآنية البليغة (( ويخلق ما لا تعلمون )) .
احتال على الفكرة و احاول ان اجد باب الحارة السد المريح - كلص تمنى ان تكون حارة الفرار المختارة مسدودة حتى يستريح من مطارديه و الجري و اللهاث و الاحساس بالهرب بان يقع في ايديهم - فيتمثل لي الباب من خلال
السؤال .. هل تلك الكائنات عاقلة و ان كانت عاقلة فلما خلقها الله ! .. ان كان قد خلقنا للعبادة .. فما الغرض من خلقهم .. و ان كانوا خلقوا لنا كآيه .. فلما نجهل عنهم كل شيء حتى اننا لا نستطيع الجزم بوجودهم !! .. و لو خلقت مثلنا للعبادة و العمل فاي رسل ارسلت اليهم .. رسل لا نعرف عنهم شيء .. برسالات سموية لا ندركها !! .. و اي وعود وعدوا و باي وعيد استوعدهم الله !! .. هل جنتنا المنشودة و جحيمنا المرهوب !! .
هل ذكرنا الله عندهم !! و ان كان فلما لم يذكرهم عندنا !! .. هل نلقاهم في الآخرة .. و هل آخرتنا يوم آخرتهم ! .. هل لهم دار آخرة مثلنا ! .. و ان كانت لهم ساعة فاينما تكون !! و ما علاماتها !! .. و هل تتطابق زمنيا مع علامتنا ! .. هل القصة كلها عوالم موازية !! .. هل الكون الفسيح ممتلئ لآخره بنسخ ارضية بشرية منا !! .. ام نحن مجرد نسخة من النسخ ! .. هل كان هناك محمدهم و موساهم و نوحهم و آدمهم ! .. و ان لم يكن هذا و ذاك فلما كل تلك المساحات الكونية الجبارة !! .. التي لم يدرك الإنسان بعد آخرها حتى ايقن انها في زيادة و اضطراد دائم .. هل كل ذلك لاثبات عظمة الخالق التي لا شك فيها من الاساس !! .. هل الجنة في بقعة زمنية من البقاع الشاسعة للكون .. و اي ثقب زمني يقودنا اليها !! .. هل هو عالم الملائكة و اراضيهم !! .. ام ان مخلوقات تلك العوالم كالملائكة لا يعرفون سوى الخالق العظيم و طرق تقديسه !! .. هل عرش الرحمن هناك !! .. هل تلك المساحات هي السماوات السبع !! .
اظل الهث بافكاري و لا اجد السد الذي يسقطني فريسة للتسليم بجهلي الشديد و ضئالة علمي .. وضئالة وجودنا و دينونة دنيانا .. فاعزي نفسي ان يوم اللقاء تنكشف الحجب و ادرك ما لم ادرك و ارى ما لم ارى فبصري حينذاك حديد .. و البصر اي البصيرة و العلم .. حين يكشف المولى ما حجبه عن العباد .. لنعلم ان كنا وحدنا عباده ام هناك عباد لم ندركهم بعد و لم يدركونا .
اشعر بلسعات البرد في عظامي فالقي نظرة عابثة على نجم الشمال .. على تلك العوالم البعيدة التي ربما لم تبدأ بعد و ما ادراني ربما كنا برسلنا و ديننا و تاريخنا البشري العريق طور من اطوار الحياة التي خلقها الله ليتفرد بعظمة الخلق و يتجلى بصفاته العليا علينا .. فربما كانت هناك ملايين الاطوار التي سبقتنا .. و هناك بلايين تلينا .. فلم يدرك طور عن طور شيئا .. اتذكر مرة اخرى برودة الجو فارتعش و القي نظرة اخيرة على النجم اللامع و اذهب الي فراشي و اتدثر بجهلي و اغرق في الاحلام البشرية الدنيوية المعتادة .

الاثنين، ١٧ مارس ٢٠٠٨

حالة

بعد قدح القهوة الثاني على ذلك المقهى العجيب بوسط المدينة وجدتني افتش عن قصاصة ورقية في جيوبي و في حافظتي الجديدة التي اهدتني اياها حبيبتي يوم الحب .. فلم اجد سوا إعلانا عن شيء ما مما يوزع امام المساجد يوم الجمعة كنت قد اخذته و دفنته في احد الجيوب .. ازحت قدح القهوة جانبا .. امسكت قلمي الجديد الذي ابتعته من امام المخفر هذا الصباح .. اخذت اخط مقدمة لا بئس بها عن تلك الحالة التي انتباتني الآن و انا جالس في ذلك المقهى بوسط المدينة العتيقة .. و كأن المدينة طبعتني بذلك الطابع العجيب .. و تلك الحالة الغربيبة .. المتأثرة كليا بالمزج الماجن للعراقة بالحداثة .. و التحضر بالغوغاء .. حالة توهان زمني جعلتني اجول ببصري في كافة انحاء المقهى بجدرانه الملونه التي تعلق عليها لوحات غريبة تعبر عن احداث غريبة .. جو المقهى المعبئ كليا بانفاس النرجيلة الحارة و لفافات التبغ نافذة الرائحة يوحي بشيء ما لا استطيع تبينه .. فرغت من إعداد دباجتي التي لم اكن انتويها من الاساس فتوقف قلمي عن لعب دوره الخالد في إمداد يدي بمخزون روحي الملهمة لتدونه .. اخذت افتش جوف نفسي عشرات المرات بحثا عن شيء ما كان يصارع للخروج منذ لحظات .. قطع ذلك الإلهام المرسل صوت صبي القهوة قائلا و هو يرفع القدح من امامي : هنيا يا باشا !!
هززت رأسي دونما رد و لم ارفع نظري عن الورقة التي بدأت بالفعل اكرهها و تدافع امامي عشرات الصور لها و هي ممزقة .. نظرت الي ساعتي بعصبية .. اطلقت ظفرة حارة .. لملمت حاجياتي و تركت الورق مع ورقة بعشرة جنيهات على المنضدة فغادرت المكان .