الأربعاء، ١٩ مارس ٢٠٠٨

نجم الشمال

عندما اترك لذلك الجواد الجامح العنان .. اجلس متأملا كعادتي - التي انقطعت منذ التحاقي بعملي الشاق - في شرفتنا التي تطل على نجم الشمال اللامع .. يلح علي ذلك السؤال الابدي .. هل خلق الله غيرنا معشر الانس و الجن ! .. فيرتد الي السؤال حائرا بملايين الإجابات و ملايين الاسئلة التي تحتاج ايضا الي ملايين الإجابات .. فاعيد الكرة مع التحليل و التفنيد لافكاري المتلعثمه فاجد انه و لما لا ! .. من المؤكد خلق الله ما لا نعلم و ما لا ندرك و حجب عنا مثل تلك المعلومات مع تركه لنا بالمكراللآهي مفتحاح ما في عبارته القرآنية البليغة (( ويخلق ما لا تعلمون )) .
احتال على الفكرة و احاول ان اجد باب الحارة السد المريح - كلص تمنى ان تكون حارة الفرار المختارة مسدودة حتى يستريح من مطارديه و الجري و اللهاث و الاحساس بالهرب بان يقع في ايديهم - فيتمثل لي الباب من خلال
السؤال .. هل تلك الكائنات عاقلة و ان كانت عاقلة فلما خلقها الله ! .. ان كان قد خلقنا للعبادة .. فما الغرض من خلقهم .. و ان كانوا خلقوا لنا كآيه .. فلما نجهل عنهم كل شيء حتى اننا لا نستطيع الجزم بوجودهم !! .. و لو خلقت مثلنا للعبادة و العمل فاي رسل ارسلت اليهم .. رسل لا نعرف عنهم شيء .. برسالات سموية لا ندركها !! .. و اي وعود وعدوا و باي وعيد استوعدهم الله !! .. هل جنتنا المنشودة و جحيمنا المرهوب !! .
هل ذكرنا الله عندهم !! و ان كان فلما لم يذكرهم عندنا !! .. هل نلقاهم في الآخرة .. و هل آخرتنا يوم آخرتهم ! .. هل لهم دار آخرة مثلنا ! .. و ان كانت لهم ساعة فاينما تكون !! و ما علاماتها !! .. و هل تتطابق زمنيا مع علامتنا ! .. هل القصة كلها عوالم موازية !! .. هل الكون الفسيح ممتلئ لآخره بنسخ ارضية بشرية منا !! .. ام نحن مجرد نسخة من النسخ ! .. هل كان هناك محمدهم و موساهم و نوحهم و آدمهم ! .. و ان لم يكن هذا و ذاك فلما كل تلك المساحات الكونية الجبارة !! .. التي لم يدرك الإنسان بعد آخرها حتى ايقن انها في زيادة و اضطراد دائم .. هل كل ذلك لاثبات عظمة الخالق التي لا شك فيها من الاساس !! .. هل الجنة في بقعة زمنية من البقاع الشاسعة للكون .. و اي ثقب زمني يقودنا اليها !! .. هل هو عالم الملائكة و اراضيهم !! .. ام ان مخلوقات تلك العوالم كالملائكة لا يعرفون سوى الخالق العظيم و طرق تقديسه !! .. هل عرش الرحمن هناك !! .. هل تلك المساحات هي السماوات السبع !! .
اظل الهث بافكاري و لا اجد السد الذي يسقطني فريسة للتسليم بجهلي الشديد و ضئالة علمي .. وضئالة وجودنا و دينونة دنيانا .. فاعزي نفسي ان يوم اللقاء تنكشف الحجب و ادرك ما لم ادرك و ارى ما لم ارى فبصري حينذاك حديد .. و البصر اي البصيرة و العلم .. حين يكشف المولى ما حجبه عن العباد .. لنعلم ان كنا وحدنا عباده ام هناك عباد لم ندركهم بعد و لم يدركونا .
اشعر بلسعات البرد في عظامي فالقي نظرة عابثة على نجم الشمال .. على تلك العوالم البعيدة التي ربما لم تبدأ بعد و ما ادراني ربما كنا برسلنا و ديننا و تاريخنا البشري العريق طور من اطوار الحياة التي خلقها الله ليتفرد بعظمة الخلق و يتجلى بصفاته العليا علينا .. فربما كانت هناك ملايين الاطوار التي سبقتنا .. و هناك بلايين تلينا .. فلم يدرك طور عن طور شيئا .. اتذكر مرة اخرى برودة الجو فارتعش و القي نظرة اخيرة على النجم اللامع و اذهب الي فراشي و اتدثر بجهلي و اغرق في الاحلام البشرية الدنيوية المعتادة .

هناك تعليق واحد:

The Queen يقول...

عزيزي أحمــد

البوست ده رائع لانه فيه حالة إيمانية قوية ما شاء الله التامل والتفكر في خلق الله يقودنا للحمد والشكر على كوننا أكرم المخلوقات
دائما ما أكتشف عند قرائتي لما تكتب أن هنالك أشياء كثيرة لما أفكر بها من قبل رغم اهميتها والمتعة الكبيرة التي سأحظى بها من مجرد التفكير بها .. لذلك أشكرك من صميم قلبي ودام لنا قلمك المميز وفكرك المحترم

تحياتي